1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الثورة المصرية في مزاد الحسابات السياسية

خالد الكوطيط - القاهرة / ز.أ.ب١٥ ديسمبر ٢٠١٤

قمعت الأصوات التي اعترضت على أحكام البراءة في قضية الرئيس الأسبق مبارك. ويخشى منتقدو النظام الحالي قيام نظام قمعي جديد، في حين تحاول حكومة الرئيس السيسي إرضاء المعارضين من خلال قانون يجرم منتقدي "ثورات الشعب المصري".

https://p.dw.com/p/1E5Ds
Protest gegen die Einstellung des Gerichtsverfahrens gegen Mubarak 29.11.2014
صورة من: AFP/Getty Images/M. El Shahed

"الدولة تريد منا أن نصمت"، هكذا يصرخ مقدم البرامج في قناة "صدى البلد" أحمد موسى أمام الكاميرا. أحمد موسى هو أحد مقدمي البرامج المشهورينفي مصر وأراد أن يعبر علنا عن غضبه من مشروع القانون الجديد الذي يجرم كل انتقاد موجه ضد ثورة 25 يناير 2011 وضد الثورة على حكم الأخوان المسلمين عام 2013. أحمد موسى هو أحد مؤيدي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، غير أنه مستاء من القانون الجديد الذي طلب السيسي تشريعه والذي يمنع توجيه الانتقادات لثورة يناير 2011 التي دهورت أوضاع بلاده، خلال السنوات الأربع الماضية، كما يقول.

من خلال إصدار القانون الجديد يريد عبد الفتاح السيسي أن يؤكد لشعبه بأنه يقف بقوة إلى جانب ثورة يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، وذلك ردا منه على القرار الخاص بتبرئة مبارك من التهم الموجهة له. أما قوى المعارضة فترى في قرار تبرئة مبارك ووزير داخليته وبعض أعوانه الضربة الأخيرة لإفشال محاولات تأسيس الدولة الديمقراطية الفتية في مصر، والتي طالب بها المعارضون عندما نزلوا للشارع في يناير 2011.

ما يخيف معارضو النظام هو الحكم على بعض رموز الثورة بالسجن لفترات طويلة الأمد وأحكام الإعدام التي صدرت بحق المئات من القادة ومؤيدي تنظيم الأخوان المسلمين، والتي أوصلت رسالة واضحة للشعب مفادها أن من ينتقد النظام الجديد في مصر سيكون عرضة لعقاب كبير.

Ägypten Ansprache Präsident al-Sisi 25.10.2014
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسيصورة من: Reuters/The Egyptian Presidency

الخاسرون من الثورة يريدون استرجاع مكتسباتهم السابقة

انتقادات مقدم البرامج أحمد موسى للرئيس السيسي لها طابع أخر، فموسى لم يتعرض لقمع حكومي بسبب تلك الانتقادات، بل اعتبرت "زلة لسان" منه، لأن برنامجه "على مسئوليتى" والذي يقدمه في قناة "صدى البلد" المصرية يهاجم باستمرار معارضي النظام ويصف المطالبين بالديمقراطية بأنهم عملاء لأجهزة مخابرات أجنبية، كما يعتبر أن جميع الأخوان المسلمين إرهابيون، وأن ثورة يناير 2011 جاءت نتيجة تآمر الدول الغربية وتعاونها مع قطر وإسرائيل من أجل زعزعة مصر واستقرارها.

لذا فليس من الصدفة أن يجري أحمد موسى أول حوار مباشر مع الرئيس الأسبق حسني مبارك بعد صدور حكم تبرئته، وتم ذلك في حوار تليفوني مع مبارك في برنامج "على مسئوليتى" مساء يوم 29/11/2014.

أحمد موسى هو أحد المتضررين من ثورة يناير 2011 والذين يطالبون اليوم باسترجاع امتيازاتهم السابقة. فهو يطالب بالسماح له للتصريح علنا بأن الأوضاع في مصر عادت إلى ما كانت عليه سابقا قبل سقوط نظام مبارك، وخاصة بعد أن تم إجبار معارضي النظام الجديد على السكوت وتبرئة الرئيس الأسبق مبارك وأعوانه من التهم الموجهة إليهم.

لكن الرئيس الجديد السيسي يرفض مثل هذه التصريحات العلنية ولايتقبل أن يقال بأن نظامه الجديد يطبق نفس الأحكام والقيم التي نفذها نظام مبارك في السابق. السيسي أعلن مرارا أنه يقف إلى جانب "ثورة الشعب المصري" من أجل الحرية والعيش الكريم. وهو يقصد ثورة مئات الآلاف من المصريين الذين خرجوا إلى ساحة التحرير عام 2011 وعام 2013 لإسقاط الرئيس مبارك ثم الرئيس مرسي. فهو يسعى إذن إلى مخاطبة ثورة الأعداد الهائلة من المصريين وليس ثورة النشطاء منهم فقط.

Protest gegen die Einstellung des Gerichtsverfahrens gegen Mubarak 29.11.2014
احتجاجات ضد قرار تبرئة مبارك وأعوانهصورة من: AFP/Getty Images/M. El Shahed

لغة الشارع تختلف عما يقوله الحكام

من جانبها تقوم الحكومة الجديدة في مصر بما في وسعها لإحباط أية محاولة تهدف إلى قيام ثورة جديدة ضد النظام القائم. فلغة الشارع وخاصة في ميدان التحرير تختلف عما يقوله الحكام، ومنذ عدة أشهر أصبحت مشاهد الآليات المصفحة والشرطة المسلحة المتهيئة لتنفيذ أوامر إطلاق النار مألوفة في القاهرة. وعند التصعيد باتجاه العصيان أو حدوث مظاهرة يتم إغلاق ميدان التحرير بالكامل، تحت غطاء "محاربة الإرهاب"، حيث تسعى الحكومة إلى عدم تكرار سيناريو ثورتي عام 2011 وعام 2013.

بالإضافة إلى ذلك يسعى الحكام الجدد إلى إظهار مصر في صورة آمنة للعالم الخارجي. فذلك عنصر مهم لتحقيق الاستقرار والتطور الاقتصادي الذي وعد به الرئيس السيسي في الانتخابات. الرئيس السيسي يسعى إلى عقد القمة الاقتصادية الدولية في مصر خلال منتصف شهر مارس / آذار القادم بهدف استقدام الاستثمارات الأجنبية للبلد وتسهيلها والمساعدة في تنمية الإقتصاد. غير أنه من خلفية انتقاداتها للإجراءات المصرية ضد المعارضين، فمن المستبعد أن تشارك الدول الغربية في تلك الاستثمارات المنشودة في مصر.

ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن مشروع السيسي الاقتصادي سيرى النور قريبا. فالمعارضة ترى أن سياساته لاتختلف كثيرا عن سياسات الدكتاتور السابق محمد حسني مبارك، حيث إنه يريد البقاء في السلطة بالقوة دون أية تنازلات لخصومه. لم يفلح الذين خرجوا للاحتجاج في ساحة التحرير بعد الاعلان عن براءة مبارك من التهم الموجهة إليه في دخول الميدان، غير أنها ليست المحاولة الأخيرة لدخول ميدان ساحة الميدان.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات