1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الحرب الإلكترونية" - جبهة جديدة ضد "داعش"

سهام أشطو٣ ديسمبر ٢٠١٤

بالموازاة مع الحرب التي حمي وطسيها بين قوات التحالف و"الدولة الإسلامية"، تشتعل في الشبكات الاجتماعية حرب من نوع آخر بين الطرفين. الولايات المتحدة تشن "حملات الكترونية" شرسة ضد "داعش"، فما تأثير ذلك على الحرب الحقيقية؟

https://p.dw.com/p/1Dyv9
صورة من: picture-alliance/dpa

"عند السخرية والاستهزاء بهم، من المهم إبراز الفرق بين ما يروجون له وما يرتكبونه في الواقع، لأن نفاق هذا التنظيم هو نقطة ضعفه". الكلام لأحد المسؤولين الأمريكيين تعليقا على الحملة الإلكترونية التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف. مسؤولون أمريكيون اعتبروا أن هذه الحملة تهدف إلى خلق "فضاء للمنافسة" على مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي التي لطالما سيطر عليها في السابق تنظيم "داعش" ويعتمد عليها كثيرا لاستقطاب شباب من مختلف الدول للانضمام إلى صفوف مقاتليه في كل من سوريا والعراق.

وتنتشر منذ أشهر صفحات ومجموعات على مواقع فيسبوك وتويتر تركز على مهاجمة "داعش" وانتقاده في قالب تطغى عليه السخرية والاستخفاف وإبراز دموية هذا التنظيم والجرائم التي يرتكبها. ومن أبرز هذه الحملات صفحة “think again, turn away(فكر مرة أخرى، تراجع) والهدف من هذه الصفحة، حسب المسؤولين الأمريكيين، هو توجيه رسالة للشباب الذين يفكرون في الانضمام إلى تنظيم "داعش" سواء كانوا في الغرب أو في الدول الإسلامية للتفكير مرة أخرى ومراجعة مواقفهم قبل اتخاذ قرار كهذا.

"حرب أفكار"

خبراء ومسؤولون ديبلوماسيون كانوا أول من أقر بأن "الهجوم الرقمي" في فيسبوك وتويتر ويوتوب لن يكون الحل السحري لمحاربة "جهاديي داعش"، مع ذلك كانت الإدارة الأمريكية تواجه انتقادات بتجاهلها الجانب الدعائي الإلكتروني في حروبها، وهو ما أصبحت تأخذه بعين الاعتبارعلى ما يبدو في السنوات الأخيرة وتحديدا ضد تنظيمي "داعش" والقاعدة.

DW Shift Islamistische Extremisten im Netz
تنظيم داعش يعتمد سياسة دعائية قوية ونشيطة له على الانترنت لاستقطاب مقاتلين جدد...صورة من: DW

ويرى خبراء إرهاب أمريكيون في الحملات الأمريكية الحالية ضد "داعش" أنها جاءت استجابة من الخارجية الأمريكية لهذه الانتقادات. لكن محمد مصباح، الخبير في قضايا الإرهاب والباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين، يعتبر أن "الحروب الإلكترونية" التي تخوضها الولايات المتحدة ليست بالأمر الجديد ولم تبدأ مع ظهور "داعش".

ويضيف مصباح في حوار أجرته معه DWعربية "الولايات المتحدة أصبحت منذ حربها في العراق تولي اهتماما بالجانب الدعائي على الشبكات الإجتماعية وفي الإعلام بشكل عام، وهذا ما يفسر وجود قنوات تلفزيونية أمريكية موجهة للعالم العربي، كما أنها تعمل على تلميع صورتها في مواقع التواصل الاجتماعي لعلمها بأن فئة الشباب تعتمد عليها بشكل كبير".

وعن الوسائل التي تستخدمها الإدارة الأمريكية في حربها هذه يقول مصباح "إلى جانب العمل الاستخباراتي ومتابعة وحجب الصفحات التابعة لداعش على الانترنت والأشخاص الناشطين لصالح التنظيم، هناك أيضا أشرطة ومنشورات إلكترونية مضادة لما تنشره داعش بالإضافة إلى حملات على فيسبوك وتويتر، كما أن البيت الأبيض أصدر قبل بضعة أشهر مذكرة تهدف إلى جعل وسائل الإعلام تنشر الوعي داخل المجتمع بمدى خطورة هذا التنظيم".

المتتبعون لها يصفونها بالحرب الإلكترونية أو "حرب الأفكار" بين تنظيم "الدولة الإسلامية" والولايات المتحدة.

فمن جهة، يحاول تنظيم "الدولة الإسلامية" الترويج لها باسم الدين لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الشباب. ويستخدم في ذلك الصور وأشرطة فيديو تظهر مدى قوة التنظيم وتقدمه ومقاومته لأعدائه والإغراءات التي يقدمها للوصول إلى الشباب، وهي المادة التي تستعملها أيضا وسائل الإعلام، ما يوفر لهذه المعلومات فرصة للانتشار بشكل كبير.

ومن جهة أخرى، تحاول الولايات المتحدة إظهار كل من "داعش" والقاعدة على أنهما وجهان لعملة واحدة وهي الإرهاب، بالإضافة إلى تسليط الضوء على مدى فظاعة الجرائم التي ترتكبها "الدولة الإسلامية". آخر منشور على إحدى هذه الصفحات يتناول موضوع اختفاء أبو بكر البغدادي، إذ نشرت صورته مع سؤال: لماذا يختبئ "الخليفة"؟ مع الإشارة إلى أن آخر ظهور له كان قبل 152 يوما.

من يكسب الحرب؟

ويقول مصباح إن تنظيم "داعش" واع بأن الحرب الإلكترونية لا تقل أهمية عن الحرب على الأرض، وهذا ما جعله يخلق لنفسه وزنا على الساحة بشكل جعل تنظيم القاعدة يبدو أمامها هزيلا وضعيفا. ويضيف قائلا: "حضور "داعش" لافت وأقوى حتى الآن من الحملات التي تشنها الولايات المتحدة وشركاؤها. ويبدو أن التنظيم يتكيّف بشكل كبير مع تطور وسائل التواصل والتكنولوجيا".

John Kerry NATO Außenminister Treffen in Brüssel 02.12.2014
اجتماع وزراء دفاع دول حلف الناتو في بروكسل ناقش الجهود المبذولة لإضعاف تنظيم "داعش"....صورة من: Reuters/Y. Herman

وأعلن التحالف الدولي ضد "الدولة الإسلامية"، والذي يضم نحو ستين دولة بقيادة الولايات المتحدة، في ختام اجتماع وزاري في بروكسل اليوم أن الحملة ضد التنظيم "بدأت تعطي نتائج" وأنه "بصدد وقف تقدمه". وكانت طائرات التحالف ضربت عشرات العربات العسكرية والقواعد التابعة للتنظيم المتطرف ضمنها "وحدة الحرب الإلكترونية" التابعة له خلال غارات تواصلت لمدة أربعة أيام، حسبما أفاد به الجيش الأميركي يوم الإثنين.

ويرى مصباح أن هذه الإجراءات مهمة وستؤثر دون شك على حضور "داعش" إعلاميا، خاصة أن التنظيم ليس أمامه سوى الفضاء الإلكتروني للدعاية والترويج لأفكاره. ذلك أنه لا يملك قنوات تلفزيونية مثلا، كما لا يمكنه الوصول إلى وسائل الإعلام التقليدية. ويضيف بهذا الخصوص "أعتقد أن ضربة منظمة وفعالة لمواقع "داعش" وصفحاتها وتجهيزاتها الإلكترونية ستؤذي التنظيم وتؤثر على تواصله مع الجمهور. لكن حدوث هذا الأمر قد يؤدي بداعش حسب تقديري إلى التصعيد فيما يخص نشر المحتويات الإلكترونية وقد تنتهج سياسة أخرى أكثر قوة وتأثيرا إذا لاحظت أنها فعلا تضررت بشكل كبير".

الوقاية قبل العلاج

ورغم ذلك، فإن الخبير المغربي يرى أن تأثير هذه الخطوات على "داعش" موجود، لكنه محدود من حيث طبيعة ما تحتوي عليه هذه الأشرطة والصور والمنشورات "المضادة" لهذا التنظيم. ويقول "أجدها مبتذلة أحيانا وبعيدة عن اهتمامات الشباب العربي والمسلم، خاصة أنها موجهة لفئة لطالما انتقدت الغرب و تأخره في التدخل في سوريا مثلا".

أما البديل، بحسب مصباح، فهو سياسة تعتمد أساسا على مقاربتين الأولى وقائية "وهي الأهم باعتقادي ويمكن هنا أن يتم العمل بشكل مسبق على توعية وتحضير الشباب حتى لا يتأثروا بمثل هذه الأيديولوجيات المتطرفة، وذلك مثلا من خلال نشر خطاب إسلامي معتدل يمكنه نسف الخطاب المتطرف بالمرجعية نفسها، عوض انتظار تقوي هذه الجماعات المتطرفة ليتم التحرك".

أما المقاربة الثانية فهي "علاجية وتعتمد على متابعة وحجب صفحات ومواقع "داعش" والتصدي لمحاولات التنظيم استقطاب المزيد من الشباب، واستهداف التقنيات والتجهيزات المتطورة التي يتوفر عليها التنظيم. باعتقادي سياسة تجمع المقاربتين معا ستكون أكثر نجاعة".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد