1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

فيلهيلم هايتمايَر: "الاعتداد الوطني المختزل يولد كراهية الأجانب"

دويتشه فيله، حوار تاسوفك. ترجمة وتقديم/ محمد السيد٢ يناير ٢٠٠٧

أثارت الدراسية الأخيرة لفيلهيلم هايتمايَر، أحد أبرز علماء الاجتماع الألمان، حول التمييز العنصري ومخاطر إبراز المشاعر القومية والوطنية على وجود الأقليات في ألمانيا ضجة كبيرة. موقعنا التقى به للإطلاع على خلاصة أطروحته.

https://p.dw.com/p/9cai
لوحة إعلانات مكتوب عليها "أنت ألمانيا" من أيام كأس العالم 2006صورة من: picture-alliance/ dpa/dpaweb

لا يزال الشعور بالذنب تجاه ضحايا الحقبة النازية الألمان يهيمن على تعاطي الغالبية العظمى للشعب الألماني مع القضايا المتعلقة بالهوية الوطنية. لذلك فهم حريصون كل الحرص على انتقاء المصطلحات، عندما يريدون أن يعبروا عن مشاعر الانتماء لألنيا، حتى ولو كان هذا التعبير لا يتجاوز المسموح به في كل القوانين والأعراف في شتى بقاع الأرض. وكان مونديال عام 2006 قد هيج مشاعر الجماهير الألمانية، لتشجيع فريقها، طمعاً في الفوز به وهو على أرضها؛ فأحييت مصطلحات وعبارات طال كتمانها مثل الوطنية والقومية والذاتية وما إلى ذلك.

Sozialwissenschaftler Wilhelm Heitmeyer
البروفيسور هايتمايَر يلقي الضوء على الاضطهاد الطائفي وينتقد الدعاية للقوميةصورة من: Nele Heitmeyer

البروفيسور فيلهيلم هايتمايَر يعد من علماء الاجتماع، الذين يراقبون بدراساتهم تطور الأحداث الاجتماعية في ألمانيا، إضافة إلى أنه يعمل الآن ومنذ خمسة أعوام في مشروع دراسي تحت عنوان "دراسة الوضع في ألمانيا". وهو هنا لا يحدثنا عن خطورة المبالغة في التعبير عن مشاعر الوطنية فحسب، بل يلقي أيضا الضوء على مختلف أنواع الاضطهاد الطائفي في المجتمع الألماني. وتعتبر الأقلية المسلمة في ألمانيا من المواضيع، التي دار حولها في الآونة الأخيرة كثير من الجدل في وسائل الإعلام؛ بل لقد كانت سبباً في إحياء مصطلحات لغوية أصبح مفهومها الآن مرتبط بها – من أمثال "الاندماج" و"التعايش"؛ ومنها كذلك مصطلح "الثقافة الموجِّهة"، الذي يعني ضرورة اندماج الأقليات في المجتمع الكبير، بمعنى إدخال ثقافة الوافدين – وجلهم من المسلمين - تحت مظلة الحضارة الألمانية ذات المشرب المسيحي الغربي.

البروفيسور فيلهيلم هايتمايَر: ما الذي يمكن أن نفهمه تحت مصطلح "الأقليات الضعيفة" التي قد تضطهدها الأغلبية في ألمانيا؟

DW-WORLD.DE أطروحتنا مرتبطة بمصطلح العداء لفئة معينة من المجتمع، بمعنى أن الإنسان يُحَط من شأنه ويُضطَهد وما إلى ذلك من معاملات قد تصل إلى حد استخدام العنف ضده أحيانا، لا من أجل شخصه هو، بل لأنه ينتمي إلى طائفة بعينها. وهذا لا يعني أن الذين هم من أصل أجنبي من مقيمين أومتجنسين أو مسلمين أو يهود هم وحدهم المعنيون هنا؛ بل إن الشاذين جنسياً مثلاً والمتشردين والمعوقين يقعون أيضاً تحت طائلة الاضطهاد. المشكلة الرئيسية تكمن في أننا بصدد مرض متقلب الأعراض، بمعنى أن الاضطهاد قد يتلون بلون العصر وحسب الموجهين لعجلته ضد طائفة ما، سواء أكانت طريقتهم مهذبة أم أنها حرباً معلنة.

هل العداء لفئة معينة من المجتمع ظاهرة يمكن لمجتمع أن يتفاداها؟

هذا سؤال على درجة كبيرة من الصعوبة، إلا أننا بإمكاننا أن ننطلق من نقطة مفادها أن عداء الإنسان للإنسان معناه عدم المساواة بين البشر؛ ومن ثم يصبح عدم المساواة هذا مبرراً للاضطهاد، بل ولاستخدام العنف أحياناً. ومن هذا المنطلق ينبغي أن يكون أول عملنا هو أن نقف ضد شتى أشكال عدم المساواة التي ترد في الخطاب الإعلامي أو في المحادثات اليومية.

والنقطة الثانية تتمثل في أننا نلمس دوما أن حال أولئك الذين ينقصون من شأن الآخرين ويضطهدونهم له علاقة خاصة بحالتهم الاجتماعية، فمظاهر عدم الاندماج بغض النظر عن مكان وجودها، سواء على المستوي السياسي أو الاجتماعي أو الوظيفي، مصحوبة باختلال في المنظومة القيمية الثابتة، وهذا التلازم تتضح ديناميكيته من خلال التقليل من شأن الفئات المستضعفة. كما ينبغي أن لا يغيب عن خاطرنا أن في التنقيص من شأن الآخرين يشكل محاولة للارتفاع بالقيمة الذاتية للفرد.

لقد قمتم بتوجيه النقد إلى حملة دعائية صاحبت كأس العالم 2006 هدفت إلى بث روح الحماس في الألمان فريقاً وجمهوراً، وبرزت فيها عبارة أصبحت مشهورة تقول: "أنت ألمانيا". ما هى دوافع نقدكم لها؟

WM Bilder des Tages, Fußball, WM 2006, Deutschland - Schweden, Deutsche Fans, 24.06.2006
كأس العالم 2006 أحيا الانتماء الوطني في ألمانياصورة من: AP

في الحقيقة إن هذا التصرف يحمل في باطنه إشكالات، فنحن علينا أن نضع في عين الاعتبار إشكالية أن مثل هذه الدعايات الهادفة إلى تقوية الاعتزاز بالذات أو بالقومية، أو الهتافات بالوطن، أو قضية "الثقافة الموجِّهة"، من شأنها كلها أن تهدف إلى إيجاد (بدائل غير أصيلة) أو بمعنى أبسط مجرد "قطع غيار" غير أصلية لترميم ما اعتراه التفكك من البنية الاجتماعية. غير أن تلك الدعايات والهتافات بمصطلحات الذاتية تؤدي في النهاية إلى تولد حواجز وحدود معينة من تلك المفاهيم يتمثل أهمها في التركيز على ما "لي وما للغريب"؛ وهو ما يعني أن تلك الذاتية لها وجه آخر، يصبح في كثير من المواطن ذا طابع عدواني.

ألم تشعر باعتزاز أيام كأس العالم؟ فمثل تلك السعادة وذلك المرح وصخب الشوارع حدث لم تشهده ألمانيا من قبل قط.

هنا يجب أن نفرق بين الامور، فأحداث كأس العالم لكرة القدم تدور حول الرياضة وفرحة كرة القدم؛ وهذا لا شأن له بالاعتزاز بالنفس. وأنا شخصياً لم أشعر في ذلك بغير الاستمتاع بالرياضة - برفعة كرة جميلة، بتمريرة رائعة، بأهداف ملعوبة؛ كل ذلك كان رائعا حقاً.

هل بالضرورة أن يكون إبراز القومية الألمانية مرتبطاً بتهميش الأقليات؟ ألا توجد وطنية نزيهة؟

من المهم جداً أن ننتبه إلى أن إبراز الفخر بالقومية يعتبر في تحليلاتنا للعلاقة بين الأسباب والنتائج من المؤشرات الواضحة التي تولد مع الوقت كذلك عداءً لما هو غريب. وهذا يجب التفريق بينه وبين الوطنية، وإن كنت لا أؤمن بمصطلح الوطنية النزيهة. فالوطنية في تقييمنا ليست من شأنها أن تجلب الويلات على المجتمع، إذا ما عرفناها على سبيل المثال بأنها شعور بالفخر بالديمقراطية الألمانية أو إسهامات المجتمع في تطوير أنظمة الأمن الاجتماعية. أما اقتصار الوطنية على التاريخ الألماني أو على شعرات على غرار: "أنا فخور بأنني ألماني"، فهو أمر ننصح عنده بتوخي الحذر.

البروفيسور فيلهيلم هايتمايَر أستاذ في علم التنشئة الاجتماعية ومحاضر في جامعة بيليفيلد ومن أبرز وأهم علماء الاجتماع في ألمانيا. رأس عدة مشاريع بحثية لدراسة اليمين المتطرف والعنف والعداء للأجانب والصراعات الحضارية-العرقية، إضافة إلى قيادته مشروعا دراسياً تجريبياً مطولاً يبحث اتجاهات عداء الإنسان لأخيه الإنسان في المجتمع الألماني.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد