1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مجلة "إيما" المثيرة للجدل: ثلاثون عاما في خدمة الحركة النسائية الألمانية

دويتشه فيلة (ع.م.ج)٢٦ يناير ٢٠٠٧

شكل صدور مجلة "إيما" النسائية قبل 30 عاما من قبل رائدة العمل النسائي اليسا شفارتزه نقطة تحول مهمة في تاريخ الحركة النسائية في المانيا. المجلة لم تكن مجرد مطبوعة عادية بل إطار عمل لنضال المرأة الألمانية في سبيل التحرر.

https://p.dw.com/p/9lNb
مؤسسة مجلة "إيما" ورئيسة تحريرها اليسا شفارتزهصورة من: AP

عندما ظهرت مجلة "ايما" النسائية الى النور لأول مرة في 26 يناير/كانون الثاني عام 1977، كأول مجلة نسائية في ألمانيا، لم يكن هذا التاريخ مجرد يوما عاديا سجلت فيه مطبوعة جديدة وجودها المتميز في سوق المطبوعات الألمانية فحسب، بل شكل ذلك نقطة تحول جوهرية في تاريخ ونضال الحركة النسائية الألمانية من اجل نيل حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ومنذ اليوم الأول لصدورها كانت هذه المجلة مثارا للجدل والنقاش على مختلف الأوساط الألمانية الرجالية منها والنسائية على حد سواء. بل انها وصفت بالمجلة الأكثر جدلا وذلك بسبب طريقتها الجريئة والمثيرة بل والمستفزة في تناول لمواضيع والقضايا الحساسة المتعلقة بحرية المرأة بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة.

واستطاعت المجلة من اللحظة الأولى ان تلفت الأنظار إليها وتثير اهتمام الرأي العام عموما والنساء بشكل خاص. فقد نفذت الكمية كاملة (200 الف نسخة) من الطبعة الأولى خلال ثلاثة أيام مما دفع إدارة التحرير الى طبع 100 الف نسخة اخرى من نفس الطبعة نفذت بدورها في زمن قياسي. يذكر ان الإعلام الألماني بشقيه المرئي والمقروء انقسم على نفسه في الموقف من "إيما" التي تعرضت لحملة مضادة شعواء من بعض الصحف الامر الذي ساهم في شهرتها ايضا.

وحطمت "إيما" الكثير من المحظورات وتجاوزت الخطوط الحمراء حتى أصبحت مرادفا لمصطلح "حرية المرأة" وعنوانا للتحرر، الى حد ان الكثير من أولياء الأمور الذين رزقوا بمواليد إناث في الأسابيع اللاحقة لصدور العدد الأول من المجلة أطلقوا عليهم أسماء "إيما"! والطريف في الأمر حتى عام 1980 كان إسم إيما يحتل المتربة السادسة ضمن قائمة الأسماء المفضلة في ألمانيا. الجدير بالذكر أن اسم المجلة مشتق من المصطلح الألماني Emanzipation الذي يعني التحرر ويستخدم غالبا في الإشارة الى تحرر المرأة.

مؤسستها ورئيسة تحريرها اليسا شفارتزه

Titelseite EMMA Nr. 5 2005
ميركل اول إمرأة تحظى بوصف "باشا الشهر" من قبل مجلة "إيما"

أسست مجلة "إيما" وترأستها رائدة الحركة النسائية في ألمانيا في عقد السبعينات، وإحدى أهم رموز الحركة حتى اليوم، اليسا شفارتزه. وكانت شفارتزه قد ربطت من خلال تأسيس هذه المجلة بين النضال السياسي النسائي كرائده له أنذاك، وبين العمل الصحفي الذي شكلت المجلة بوتقته التي تعبر عن أمال وأهداف ومطالب الحركة النسائية في ألمانيا. لم يقتصر عمل "إيما" على الجانب الصحفي البحت، بل انها خاضت في العمل السياسي من خلال تبنيها حملات مؤازرة للحركة النسائية وحملات مضادة للتمييز ضد المرأة والامتهان الجنسي بمختلف اشكالة. وتمول المجلة نفسها من الإعلانات، فهي بطبيعة الحال مع هذا الانتشار والشهرة تحقق كمية مبيعات تحقق لها مردودا ماديا يسمح لها بالعمل المستقل ويحميها من التبعية للممولين. هذا على الرغم من ان كمية المبيعات تراجعت في الوقت الحالي كثيرا. فمنذ عام 1993 صارت المجلة تصدر فقط كل شهرين، بعد ان أصبحت السوق الألمانية مليئة بالصحف والمجلات النسائية، وباتت الحركة النسائية "اقل ثورية" وتطرفا بعد ان حصلت المرأة في هذا البلد على الكثير من الحقوق وتبوأت موقعا متميزا في الحياة السياسية والاجتماعية.

"من النساء للنساء"

Titelseite EMMA 1977
غلاف المجلة في السنة الأولى لصدورها عام 1977

وتحت شعار "من النساء للنساء" صدرت أول مجلة نسائية ألمانية، التي أضحت تشكل إلهاما للكثير من المنظمات النسائية والحركات التحررية والفعاليات النضالية على الساحة الألمانية. من جانبها وضعت المجلة نضال المرأة الألمانية تحت الأضواء وصبت جل اهتمامها في دعم نضال المرأة في المجتمع الألماني وهو النضال الذي اتخذت منه الكثير من حركات التحرر النسائية في العالم قدوة لها. وقادت المجلة في هذا السياق حملات توعية "ثورية" للنساء وحملات دعم لوضعهن في المجتمع. ورغم ان المجلة اتسمت بالتطرف في معالجة الموضوعات والقضايا السياسية والاجتماعية المتعلقة بالمرأة، الا انها لم تتجاهل كمجلة نسائية طبيعة الشريحة الاجتماعية التي تتحدث باسمها والمتمثلة في "الجنس الناعم".

فقد تضمنت في محتواها المعالجة الجدية للقضايا العامة مع الحفاظ على "النعومة" وخفة الظل والأسلوب الساخر. ومن اشهر أبواب في المجلة هو باب "باشا الشهر" والذي من خلاله توجه المجلة النقد بأسلوب تهكمي ساخر الى إحدى الشخصيات العامة التي تسيء الى كرامة المرأة وسمعتها من خلال عمل ما. الجدير بالذكر هنا ان المستشارة الألمانية الحالية، انجيلا ميركل، كانت المرأة الأولى التي تطلق عليها المجلة وصف "باشا الشهر" بسبب تبريرها، قبل ان تكون مستشارة، لحرب العراق "الرجالية" واقتراحها تخفيض راتب المتقاعدين الذين ليس لديهم أطفال الى النصف. ودخلت المجلة في معارك كثيرة مع الصحف والمجلات التي تروج للجنس والدعارة بصورة تسئ للمرأة وكذا مع الكتاب والفنانين الذي يرسمون صورة مهينة للمرأة.

مجلة النخبة النسائية

منذ بدايتها خطت المجلة لنفسها سياسة تبتعد عن تلك النظرة التقليدية للمرأة بأنها تميل الى مجلات الموضة والطبخ والتسلية. في هذا السياق تجدر الإشارة الى ان المجلة ظلت تحافظ على شعار "لا للموضة نعم للحداثة". ووفقا للإحصائيات فإن الغالبية العظمى من قارئات "إيما" من النخبة النسائية المثقفة والنساء العاملات. اخيرا يمكن القول ان المجلة وكذا مؤسستها تركتا تأثيرا ملحوظا على الحياة السياسة والاجتماعية للمرأة والمجتمع عموما في العشرين عاما الماضية انعكست على طبيعة المجتمع الألماني بشكل ملحوظ.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد